Sunday 5 February 2017

خطة مايكل فلين من مواقف ترامب



ناصر قنديل

– لا يمكن إدراج مواقف الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب تحت باب شخصيته المضطربة وانطلاقه من ازدواجية تخفيف أعباء التدخلات وأكلافها وتوتراتها تحت عنوان «أميركا أولاً» من جهة، والخطاب المتغطرس لتظهير أميركا القوية من جهة مقابلة، فقد بدا ترامب «يلعب سياسة» في جملة مواقفه، رغم ظاهر المواقف بالمتسم بالفظاظة والتحدي. فقد بدأ بالحديث عن إسقاط التفاهم على الملف النووي الإيراني ثم تعديله ليختتم في ملخص ما نشره البيت الأبيض عن محادثته الهاتفية مع الملك السعودي، أن الاتفاق كان على التطبيق الصارم للاتفاق النووي مع إيران بدلاً من تعديله وإلغائه، وكذلك في ملف نقل السفارة الأميركية لدى كيان الاحتلال، بدأ بقرار نقل ثم دراسة ثم لا نزال بعيدين عن توقيت البحث بالأمر، وفي ملف الاستيطان «الإسرائيلي» الذي كان عنوان إشعاله حملة ضد إدارة الرئيس أوباما بسبب عدم استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد الإدانة وتبشير «الإسرائيليين» بأن كل شيء سيتغير مع تسلمه السلطة، ثم تمسكه بالدفاع عن الاستيطان وصولاً لاعتباره غير مفيد، وكذلك في ما يخصّ المنطقة الآمنة في سورية التي بدأت قراراً رئاسياً وصارت دراسة وانتهت بانتظار التوقيت المناسب لدراستها، وكلّها دلائل على أن السياسة تحكُّم وليس العناد ولا العنتريات ولا الغطرسة ولا المبادئ بالتأكيد.

– من خلال تتبّع العناصر التي بادر ترامب لوضعها في التداول على الطاولة تلتقي مع قضية منع السفر إلى أميركا، قضايا المنطقة الآمنة في سورية وقضية السفارة الأميركية لدى كيان الاحتلال ودعم الاستيطان، مع قضية التفاهم على الملف النووي الإيراني والتجارب الصاروخية الإيرانية، ونفوذ إيران في باب المندب كعنوان استعمله ترامب في الحديث عن تدمير البارجة السعودية بصاروخ يمني، مع قضيتين رئيسيتين تحضران في السياسة الخارجية الأميركية المقبلة ومنطلقاتها في حسابات الأمن القومي الأميركي، كما يهندسها الجنرال مايكل فلين مستشار الأمن القومي لترامب الآتي من رئاسة المخابرات العسكرية والواقف في الظل وراء خطاب ترامب المرشح قبل ترامب الرئيس.

– منهج فلين في رسم الاستراتيجيات الجديدة يقوم على محاولة بناء معادلة قوامها أولوية الحرب على الإرهاب والحاجة الماسّة للتعاون مع روسيا. وهما القضيتان اللتان تلتقيان بالقضايا التي أثارها ترامب ورماها في التداول، ومنهج فلين يستند إلى السعي لرسم التعاون مع روسيا في إطار الحرب على الإرهابعلى قاعدة تحقيق مكاسب ومصادر قوة لـ«إسرائيل» وإضعاف مصادر القوة التي تمتلكها إيران، والصيغة التفاوضية هي تقديم عرض لروسيا قوامه مقايضة الدور الإيراني بالدور الأميركي في الخطة الروسية في الشرق الأوسط، ودعوة موسكو للتخلّي عن طهران مقابل الحصول على التعاون مع واشنطن، والتخلي هنا ليس إعلان حرب، بل تهميش الدور، ومضمون التخلّي هو التعاون في مقاتلة النصرة وداعش في سورية وإزالة التحفظات على التعاون مع الدولة السورية مقابل خروج إيران وحلفائها وفي مقدمتهم حزب الله من  سورية.

– المنهج الروسي لا يضع إيران مقابل أميركا، ولو فعل لاختار أميركا حكماً، بل ينطلق منهج موسكو من أن التعاون الأميركي الروسي ضرورة وحاجة، وفي الحرب على الإرهاب خصوصاً، لكن روسيا وأميركا قوتان خارجيتان في الشرق الأوسط، وعليهما ترجمة تعاونهما عبر بناء مرتكزات نظام إقليمي قوي قادر على هزيمة الإرهاب وتحقيق الاستقرار وحمايته، وترى موسكو بعيداً عن العواطف والرغبات أن هذا النظام الإقليمي تفرضه الأحجام والجغرافيا السياسية، وهي تتطلع لثلاثي تركي إيراني مصري، ولا مانع من أن يصير رباعياً مع السعودية، ترعاه ثنائية أميركية روسية وتدعمه حيث يجب، وترى أن أمن «إسرائيل» وحلّ القضية الفلسطينية متلازان فلا قدرة لأحد على حماية أمن «إسرائيل» خارج حل وفق  القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وهذا اللازم تعتبره موسكو من ثمار تعاون روسي أميركي بالتنسيق مع قوى النظام الإقليمي الجديد.

– حتى موعد لقاء الرئيسين الروسي والأميركي تستمرّ منهجية فلين بلسان ترامب، خصوصاً في اللقاء بين ترامب وبينامين نتنياهو قريباً، بدعوة «إسرائيل» للاختيار بين تلبيتها بمكاسب إعلامية وسياسية في ملفات السفارة والاستيطان مقابل إغفال التصعيد مع إيران، أو العكس، لأن قراراً مثل نقل السفارة وحدَه  سيتكفّل بإشعال الشارع العربي والإسلامي وسيتحوّل حكماً، كسباً كبيراً لإيران إذا تزامن مع حملة التصعيد بوجهها، بينما ربط التصعيد بتبريد الملفات التي تستفز الشارع العربي والإسلامي يمكن أن يستقطب خصوم إيران في المنطقة سواء على أساس سياسي أو تحت عنوان مذهبي، وهو استقطاب يصير مستحيلاً إذا تزامن التصعيد بوجه إيران وتسخين ملفات الاستفزاز للشارع الداعمة لـ«إسرائيل».

Related Videos
Related Articles

River to Sea Uprooted Palestinian   
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of the Blog!

No comments: